ما حكم تكرار العمرة وموضع الإحرام لكل رحلة؟.. دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال يقول: "ما حكم تكرار العمرة وموضع الإحرام لكل عمرة؟ فإنني سأقوم بالسفر إلى السعودية لأداء عمرةٍ عن أبي ثم أمي ثم زوجتي، بالإحرام كُلَّ مرةٍ من التنعيم. فاختلفت الآراء بين الرفض والتأييد، برجاء الإفادة عمَّا يُتَّبعُ لتكون العمرة مقبولةً إن شاء الله."

وأجابت دار الإفتاء بأن تكرار العمرة والموالاة بينها جائزٌ شرعًا، وهذا ما عليه جمهور العلماء سلفًا وخلفًا، بل إن الإكثار منها مستحبٌّ مطلقًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» متفقٌ عليه. ومعلومٌ أن الإكثار من مكفِّرات الذنوب مطلوبٌ شرعًا مطلقًا، ولأن العمرة عبادةٌ غير مؤقتةٍ فلا تتعين في السنة بوقت ويجوز تكرارها. والإحرام عند تكرار العمرة في السفرة الواحدة يكون بالخروج من الحرم إلى أدنى الحِلِّ أو إلى التنعيم والإحرام بالعمرة من هناك.

أشارت دار الإفتاء إلى أنه يجوز تكرار العمرة أكثر من مرةٍ مطلقًا، بل الإكثار منها مستحبٌّ مطلقًا، وهو مذهب جماهير علماء المسلمين سلفًا وخلفًا، وهو قول الحنفية والشافعية، وقول جماعةٍ من المالكية؛ كالإمام مطرف وابن المواز، وقول إسحاق بن راهويه ورواية عن الإمام أحمد، ومِمَّن حكاه عن الجمهور: الماورديُّ والسرخسيُّ والعبدريُّ والنوويُّ، وحكاه الإمام أبو بكر بنُ المنذر عن عليِّ بن أبي طالب وابنِ عُمر وابنِ عباس وأنس وعائشة وعطاء وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.

وأوضحت دار الإفتاء أن من الأدلة على جواز التكرار قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» (أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، فلم يُفرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أن تكونا في سنةٍ أو سنتين، والمطلق يُؤخذ على إطلاقه ما لم يأتِ ما يقيده.

وأكدت دار الإفتاء أن الإكثار من مكفرات الذنوب مطلوبٌ شرعًا مطلقًا، ويؤيد ذلك الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الجَنَّةُ»، فالتكرار والمُوَالاة يَدخُلان في عموم الأمر بالمُتابعة بين الحج والعُمرة كما هو ظاهر.