ما حكم التهنئة بالعام الهجري؟.. الإفتاء تجيب

ردت دار الإفتاء المصرية على سؤال ورد إليها من أحد المتابعين نصه: "ما حكم التهنئة بالعام الهجري؟ حيث يدعي البعض أن تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري من البدع؛ لأن بداية العام ليست من الأعياد التي يُهنَّأ بها، وإنما هو شيء ابتدعه الناس؟"

 حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد

أوضحت دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني في فتوى سابقة أن التهنئة بقدوم العام الهجري مستحبة شرعًا؛ لما فيها من إحياء ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضي الله عنهم، ولما تحمله من معانٍ سامية وعبر نافعة. 

وأكدت الإفتاء أن الشرع حث على تذكر أيام الله وما فيها من عبر ونعم، كما أن بداية عام جديد هي تجدد لنعم الله على الناس وتستحق التهنئة.

الحكمة من جعل الهجرة النبوية بداية التقويم الإسلامي

وأضافت دار الإفتاء أن الهجرة حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، استحقت أن تكون بداية للتقويم الإسلامي؛ لما مثلته من معاني سامية ورفيعة. وأشارت إلى أن الهجرة كانت دليلاً جليًّا على تمسك المؤمنين بدينهم؛ حيث هاجروا إلى المدينة تاركين وطنهم وأهلهم وأموالهم، لا يرغبون إلا في العيش مسلمين لله تعالى.

 وقد مدح الله سبحانه وتعالى هؤلاء المهاجرين وأشاد بهم في قوله: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحشر: 8].

وأوضحت دار الإفتاء أن الهجرة كانت البداية الحقيقية لإقامة الدولة الإسلامية ووضع أحكامها التشريعية، التي أصبحت أساسًا لإنشاء النظم المجتمعية وضبط العلاقات الإنسانية والدولية، وإقرار مبدأ التعايش والتعددية. لهذا السبب، اختار الصحابة رضي الله عنهم الهجرة كبداية للتقويم الإسلامي.

 وروى الطبري في "تاريخه" عن ميمون بن مهران، أن عمر رضي الله عنه عندما طُرحت عليه قضية تاريخية، استشار الصحابة واختاروا كتابة التاريخ من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري

واصلت دار الإفتاء توضيحها بأن بداية العام الهجري في أول شهر المحرم ليس هو يوم هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قد يُظَن، بل كانت هجرته في ربيع الأول. 

وأشارت إلى أن العزم على الهجرة والاستعداد لها كان في بداية المحرم بعد موسم الحج الذي وقعت فيه بيعة الأنصار.

وأفادت بأن الحافظ ابن حجر قال في "فتح الباري" (7/ 268، ط. دار المعرفة): "وإنما أخروه من ربيع الأول إلى المحرم؛ لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم، إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة، وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم، فناسب أن يجعل مبتدأ، وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم".