نحن الآن أمام واقعة غريبة شهدتها منطقة الساحل بمحافظة القاهرة، عندما فقد ملاك الرحمة كما يطلق عليه كل مشاعر الإنسانية ويتحول لذئب بشري يستغل دراسة 7 سنوات في كلية الطب ليتخلص من صديق عمره الذي عاش معه سنوات الدراسة وعين معه في مستشفى واحد.
والسبب كان صادمًا للجميع ولم يخطر ببال أحد، سواء تنفيذ خطته الشيطانية أو الدافع لإرتكابها.
بداية أحداث الواقعة
بدأت أحداث جريمة قتل الدكتور أسامة صبور، 30 عام، طبيب عظام بمعهد ناصر، من محافظة الشرقية، المعروفة إعلاميا بـ "طبيب الساحل"، منذ تغيبه عن منزله عدة أيام، وقررت أسرته الذهاب لقسم شرطة الساحل التابع لمديرية أمن القاهرة لتقديم بلاغ بتغيبه عن المنزل بتاريخ 6 يونيو 2023.
على الفور شكل ضباط مباحث قسم شرطة الساحل فريق بحث لكشف ملابسات الواقعة، وبفحص دائرة علاقات المجني عليه وفحص كاميرات المراقبة وسجل المكالمات الأخيرة على هاتف المجني عليه، حتى تم التوصل إلى هوية صديق المجني عليه وابن بلدته الدكتور "أحمد. ش"، وتوصلت المباحث إلى عيادته الخاصة، التي كشفت كاميرات المراقبة المحيطة بها وصول المجني عليه للعيادة ودخوله إلى العقار وعدم خروجه منها.
الأمر الذي أثار الشك حول صديق المجني عليه، وعلى الفور انطلقت قوة أمنية من مباحث الساحل إلى مقر العيادة، وبالفحص والتفتيش عثرت فرق المباحث والأدلة الجنائية على الخيط الذي كشف الجريمة بأكملها، حيث تبين وجود مشمع حديث في أرضيات العيادة، ومن إحدى البقع داخل غرفة بعيادة الطبيب المتهم، تم رفع المشمع، حيث تبين أن البلاط ومواد البناء المتواجدة حديثة، وبرفعها والحفر في الغرفة تم العثور على جثمان شخص في حالة تعفن، وتم نقلها إلى الثلاجة تحت تصرف النيابة العامة في القاهرة.
وكشفت التحريات أن وراء إرتكاب الواقعة صديق المجني عليه الطبيب “أحمد. ش”، ومحامية، ومتهم ثالث يعمل مساعدا للمتهم الأول.
وتمكنت أجهزة أمن القاهرة بالتنسيق مع قطاع الأمن العام ومديريات أمن المنيا وسوهاج والقليوبية من ضبط الثلاثة متهمين الهاربين في الثلاث محافظات السابق ذكرهم.
وعقب تقنين الإجراءات تم القبض على المتهمين واتخذت الإجراءات القانونية اللازمة للعرض على النيابة العامة التي باشرت التحقيقات.
وكشفت النيابة العامة في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن تحقيقاتها خلصت إلى أن المتهمين الأول والثاني قد قتلا الطبيب المجني عليه، الذي كان على علاقة زمالة بالمتهم الأول عمدا مع سبق الإصرار، فيما اشتركت المتهمة الثالثة معهما في ارتكاب الجريمة بطريق الاتفاق والمساعدة، حيث أعد القاتلان له قبرا في عيادة الطبيب المتهم، وجهزا فيها عقاقير طبية وفرتها المتهمة الثالثة لهما لحقن المجني عليه بها حتى الموت".
وأضاف البيان: "استدرج المتهمون الضحية في البداية إلى شقة استأجروها، حيث اتصلت المتهمة بالمجني عليه وأوهمته بحاجة والدتها لتوقيعه كشفا طبيا منزليا عليها لكبر سنها وضعفها، فاستجاب لادعائها، والتقى كما اتفقت معه، بالمتهم الثاني الذي تظاهر بنقله إلى حيث مسكن المريضة، فاستدرجه بذلك تحايلا إلى الوحدة السكنية المشار إليها، التي كان يتربص له فيها الطبيب المتهم. وبعد وصول المجني عليه إليها، أجهز المتهمان عليه وحقنه الطبيب المتهم بعقار مخدر، ثم تعديا عليه بالضرب وبصاعق كهربائي وسرقا منه هاتفه المحمول بالإكراه ومبلغا نقديا كان معه وبطاقاته الائتمانية".
وتابع البيان: "أحضر المتهمان بعد ذلك كرسيا نقالا، حيث تظاهرا، بعد غياب الضحية عن الوعي، بمرضه ونقلاه إلى العيادة التي تحتوي على القبر الذي حفراه سلفا، فألقيا به بعد أن قيدا حركته بوثاق وعصبا عينيه وكمّما فاه، ثم أمعنا في حقنه بجرعات إضافية من العقاقير المخدرة، قاطعين سبل الحياة عنه بغية قتله، إلى أن أوديا بحياته، وغطيا جثته بالتراب".
ووفق البيان فقد "أقامت النيابة العامة الدليل على المتهمين الثلاثة، من شهادة ثلاثة عشر شاهدا، فضلا عن إقرارات المتهمين التفصيلية في التحقيقات، التي فصلت كيفية اقترافهم للجريمة والتخطيط والإعداد لها وتنفيذها، كما انتقل المتهمون لتصوير محاكاتهم لهذه التفصيلات في مسرح الجريمة أمام النيابة العامة".
وأشارت النيابة العامة إلى أنها عادت إلى دلائل تسجيلات كاميرات المراقبة المحيطة بمسرح الجريمة، التي رصدت واقعة استدراج المجني عليه إلى الوحدة السكنية ثم نقله إلى العيادة، فضلا عما ثبت بتقرير التشريح الصادر عن مصلحة الطب الشرعي، وما ثبت من فحص محتوى هواتف المتهمين من أدلة رقمية.
واختتم البيان بالقول: "تتابع وحدة الرصد بمكتب النائب العام، اللغط الدائر بمواقع التواصل الاجتماعي حول القضية وما فيها من أدلة، حيث اعتبرت أن مروجيه يقصدون من ورائه تبديل الحقائق وتزييفها ومحاولة التهوين مما انتهت إليه التحقيقات، فضلا عن الادعاء كذبا بأمور لا غرض من ورائها سوى تكدير السلم العام وزعزعة ثقة المجتمع في سلطات التحقيق المعنية، مؤكدة أن ذلك يشكل جرائم جنائية سوف تتصدى النيابة العامة بحسم لمرتكبيها، بما خولها القانون من إجراءات".
وصدر اليوم، تقرير الطب الشرعي الذي كشف عن ملابسات وفاة طبيب الساحل، والذي قام بتشريح الجثة، بأن وجد بالعينات التي تم أخذها من جثمان طبيب الساحل العثور على الكلونازييام أحد مشتقات البنزوديازبين، وكذا تم العثور على البروبوفول - الديبريفان، والعثور في العينات الحشوية للجثمان على النورادرينالين ناتج أيض الأدرينالين في الجسم، والعثور أيضا في العينة الحشوية على الميدازولام من البنزوديازبين.
وهي مجموعة من الأدوية المهدئة المثبطة للخلايا العصبية وتستخدم طبيا لعلاج نوبات الصرع والتشنج لما لها من تأثير منوم والميدازولام المعثور عليه في العينات الحشوية لـ طبيب الساحل هو دواء قصير المفعول وتترواح مدة تأثيره الفعال من ساعتين إلى نحو 7 ساعات، ومن أهم مضاعفاته تثبيط الجهاز التنفسي وتوقف التنفس وقصور القلب.