تُعتبر الإنفلونزا من الأمراض الفيروسية التي تتكرر سنويًا وتصيب الملايين حول العالم.
وعلى الرغم من أن معظم المصابين يتعافون خلال أيام أو بضعة أسابيع، إلا أن هناك فئات معينة تُعد أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة قد تصل إلى الالتهاب الرئوي أو التهابات أخرى قد تُهدد الحياة.
وتكمن خطورة الإنفلونزا في قدرتها على الانتشار السريع، وتفاوت تأثيرها من شخص لآخر بناءً على الصحة العامة والمناعة والعوامل الوراثية والعمر.
ولذلك، تتطلب الوقاية منها اهتمامًا خاصًا، خصوصًا للفئات التي قد تتأثر بشكل كبير إذا أصيبت بهذا المرض الموسمي.
يشمل الأفراد الأكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا الفئات الضعيفة من الناحية الصحية، مثل كبار السن، والأطفال الصغار، والحوامل، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
سنستعرض هنا أهم هذه الفئات والأسباب التي تجعلها أكثر عرضة لخطر الإصابة، وأهمية اتخاذ التدابير الوقائية، بما في ذلك اللقاح الموسمي، لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة.
1. كبار السن (65 عامًا فأكثر)
يعتبر كبار السن من الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا، نظرًا لانخفاض كفاءة الجهاز المناعي لديهم. فعلى مر السنين، قد تقل قدرة الجسم على مكافحة العدوى والاستجابة للقاحات، مما يجعلهم عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة مثل الالتهاب الرئوي أو التهاب الشعب الهوائية.
وتشير الإحصائيات إلى أن الإنفلونزا قد تسبب حالات دخول إلى المستشفى وحتى الوفيات بين كبار السن بنسبة أكبر من الفئات العمرية الأخرى.
2. الأطفال الصغار (تحت سن 5 سنوات)
الأطفال، وخاصة الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات، هم من الفئات الضعيفة التي تتأثر بشكل كبير بالإنفلونزا.
لا يتمتع الأطفال في هذا العمر بجهاز مناعي قوي بما يكفي لمكافحة المرض، ويكونون أكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات مثل التهابات الأذن، والتهاب الحنجرة، وحتى الالتهاب الرئوي.
والأطفال تحت سن 6 أشهر هم أكثر حساسية، حيث لا يمكن إعطاؤهم لقاح الإنفلونزا بعد، ولذلك يعتمدون على مناعة محيطهم للحد من انتقال العدوى.
3. النساء الحوامل
تزداد مخاطر الإنفلونزا ومضاعفاتها عند النساء الحوامل بسبب التغيرات المناعية والفسيولوجية التي تحدث خلال الحمل.
وتزيد الإصابة بالإنفلونزا عند الحوامل من خطر حدوث مضاعفات شديدة قد تؤثر على صحة الأم والجنين معًا، حيث تزيد احتمالية الولادة المبكرة أو انخفاض وزن المولود عند الإصابة الشديدة.
ويعد أخذ اللقاح خلال الحمل من التدابير الوقائية الضرورية لحماية الأم والجنين.
4. الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة
الأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب، والسكري، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة (مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن)، وكذلك أمراض الكبد والكلى، هم أكثر عرضة لتدهور حالتهم الصحية عند الإصابة بالإنفلونزا.
إذ تضعف هذه الأمراض قدرة الجهاز المناعي، مما يسهل الإصابة بالالتهابات الثانوية الخطيرة، ويزيد من خطر الحاجة إلى العناية المركزة أو حتى الوفاة.
5. الأفراد الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي
تشمل هذه الفئة الأشخاص الذين يتلقون علاجات تثبط جهاز المناعة، مثل مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي، ومرضى نقص المناعة البشرية (HIV/AIDS).
تضعف هذه العلاجات مناعة الجسم بشكل كبير، مما يجعل هؤلاء الأفراد عرضة للإصابة بالفيروسات بشكل عام، ويجعل من الصعب على أجسامهم محاربة الإنفلونزا، مما يؤدي إلى مضاعفات شديدة.
6. سكان مراكز الرعاية الطويلة الأجل
الأشخاص الذين يعيشون في دور الرعاية أو المراكز الصحية يكونون أكثر عرضة للإنفلونزا ومضاعفاتها، نظرًا للتقارب الشديد بينهم وكثافة التواجد، مما يسهل انتشار الفيروس بينهم.
وعادةً ما تتكون هذه الفئة من كبار السن أو الأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة، مما يزيد من ضعفهم أمام الفيروس.
تعد الوقاية من الإنفلونزا مهمة بشكل خاص لهذه الفئات لتجنب المضاعفات الخطيرة.
وأحد أبرز وسائل الوقاية الفعالة هو الحصول على لقاح الإنفلونزا الموسمي، الذي يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة ويقلل من شدة الأعراض حتى في حال العدوى.
إلى جانب اللقاح، يوصى باتباع إجراءات النظافة الشخصية مثل غسل اليدين بانتظام، وتجنب الاتصال المباشر مع الأشخاص المصابين، واستخدام الأقنعة في الأماكن المزدحمة، واتباع عادات غذائية صحية لتعزيز الجهاز المناعي.
بالإضافة إلى ذلك، يجب توعية الأفراد المحيطين بالفئات المعرضة للخطر بأهمية تلقي اللقاح، مما يساهم في خلق بيئة أكثر أمانًا لهذه الفئات ويساهم في الحد من انتشار المرض.
إن الإنفلونزا ليست مجرد نزلة برد عابرة؛ بل هي مرض قد يتسبب في مضاعفات خطيرة لأشخاص معينين قد تكون حياتهم مهددة بسببه. لذلك، فإن التركيز على الوقاية، وخاصةً للفئات الأكثر عرضة، يُعد خطوة أساسية لحمايتهم وتقليل انتشار الفيروس في المجتمع.
من خلال الالتزام بالتطعيم والإجراءات الوقائية، يمكن تقليل عدد الحالات الخطيرة، والحد من الضغط على المنظومة الصحية، والحفاظ على صحة وسلامة الجميع، خاصة الفئات الأكثر ضعفًا أمام هذا المرض.