«الاقتراب من الموت».. دراسة تكشف تجارب الأشخاص بعد إعادتهم للحياة

أُجريت دراسة جديدة بواسطة الدكتور سام بارنيا، طبيب العناية المركزة بالمركز الطبي "NYU Langone Health"، لاستكشاف ما يُعرف بـ"تجربة الاقتراب من الموت"، وهي حالة تحدث عندما يتوقف قلب الشخص وتتوقف التنفس، ويتم إعادته إلى الحياة بواسطة الأطباء.

لقد اتضح أن الملايين من الأشخاص قد أبلغوا عن تجارب مشابهة منذ اختراع الإنعاش القلبي الرئوي في عام 1960.

تهدف الدراسة إلى فهم ما يُعرف بـ"الوعي الخفي" للموت، وذلك من خلال قياس النشاط الكهربائي في الدماغ أثناء توقف القلب والتنفس.

وقد لاحظ الدكتور بارنيا أن الأشخاص الذين خضعوا لهذه التجربة يصفون حالة أكثر وعيًا ووضوحًا، حيث يشعرون بالانفصال عن أجسادهم ويمكنهم رؤية وسماع الأطباء والممرضات القريبين منهم.

كما أنهم قادرون على توضيح تفاصيل الإجراءات التي تمت عليهم بشكل لا يمكن تفسيره من زوايا متعددة.

ويعيش الأشخاص تجربة مراجعة حياتهم بالكامل، حيث يتذكرون أفكارًا ومشاعرًا وأحداثًا لا يمكنهم عادة تذكرها.

تُعتبر هذه التجربة فهمًا شاملاً لسلوكهم طوال حياتهم، حيث لم يعد بإمكانهم خداع أنفسهم.

تتضمن التجربة أيضًا رؤى روحية يمكن تفسيرها بطرق مختلفة وفقًا لاعتقادات الأفراد الدينية.

تم تنفيذ الدراسة في 25 مستشفى في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبلغاريا، حيث تم نقل فرق بحثية متخصصة إلى غرف العناية المركزة لمراقبة المرضى الذين كانوا "موتى من الناحية الفنية" وإجراء إجراءات الإنعاش القلبي الرئوي.

تم تركيب أجهزة لقياس تركيز الأكسجين والنشاط الكهربائي في الدماغ للشخص المتوفى تقريبًا.

استغرقت محاولة الإنعاش في المتوسط من 23 إلى 26 دقيقة، ولكن بعض الأطباء استمروا في إجراءات الإنعاش لمدة تصل إلى ساعة.

تم نشر الدراسة في الدورية العلمية "Resuscitation"، وتسلط الضوء على أهمية فهم تجربة الاقتراب من الموت والوعي الخفي المصاحبة لها.

هذه النتائج قد تساهم في تطوير الرعاية الصحية وتحسين الاهتمام بالأشخاص الذين يعانون من حالة الوفاة السريرية ويتم إعادتهم إلى الحياة.

من خلال هذه الدراسة، يتم فتح نافذة جديدة لفهم تجربة الاقتراب من الموت وتأثيرها على الأفراد.

وقد تساهم هذه البحوث في تعزيز الوعي بأهمية الرعاية النهائية وتحسين الرعاية للأشخاص الذين يمرون بتجربة الاقتراب من الموت وبعد إعادتهم للحياة.

وأعلن الدكتور بارنيا أن فرق البحث التابعة له نجحت في تنفيذ إجراءات الإنعاش دون التدخل في الرعاية الطبية للمرضى، على الرغم من أن عملية الإنعاش تعتبر حالة متوترة وصعبة.

وأشار بارنيا إلى أنه تمت مراقبة نشاط الدماغ لفترات قصيرة خلال الإنعاش، حيث تم توقف الأطباء عن ضغط الصدر أو إعطاء الصدمات الكهربائية لمعرفة ما إذا كان قلب المريض سيستعيد نشاطه.

وتم اكتشاف أن أدمغة الأشخاص الذين يمرون بتجربة الموت تصبح غير نشطة، ولكنها تعود للنشاط بعد مرور ساعة من بدء الإنعاش، ويتم تسجيل طفرات في الأمواج الكهربائية للدماغ، مثل الموجات "غاما"، و"دلتا"، و"ألفا"، و"بيتا".

ووفقًا للدراسة، نجح 53 من أصل 567 شخصًا في العودة إلى الحياة بعد الإنعاش، أي ما يعادل نسبة 10%.

وتم إجراء مقابلات مع 28 من هؤلاء الأشخاص لمعرفة تجاربهم خلال هذه الفترة.

وأفاد 11 مريضًا فقط بالوعي أثناء الإنعاش القلبي الرئوي، في حين أبلغ 6 أشخاص عن تجربة الاقتراب من الموت.

ومع ذلك، يجب أن يُلاحظ أن الدراسة لم تشمل شهادات 126 ناجيًا آخرين من السكتة القلبية الذين لم يشاركوا في البحث.

وأشار بارنيا إلى أن تجربة الموت التي تم تذكرها من قبل المرضى كانت متسقة جدًا بين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، حيث شملت الشعور بالانفصال عن الجسد ومراجعة حياتهم والانتقال إلى مكان يشبه المنزل، ثم إدراك الحاجة للعودة.

وعلى الرغم من ذلك، كان بعض الخبراء غير مقتنعين تمامًا بنتائج الدراسة، التي تم تقديمها لأول مرة خلال جلسات علمية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وانتشرت بشكل واسع في وسائل الإعلام.