في سياق أحكام الصلاة واستقبال القبلة، يتناول هذا المقال كيفية تحديد اتجاه القبلة يدوياً وفقاً لما أفادت به دار الإفتاء المصرية.
طريقة معرفة اتجاه القبلة يدوياً
ورد سؤال من أحد الأشخاص، يقول فيه: "كنت في سفر إلى إحدى المناطق داخل مصر وحان وقت الصلاة، وعندما قمت لأداء الصلاة وقعت في حيرة شديدة لعدم قدرتي على معرفة الاتجاه الصحيح للقبلة. أخبرني أحد الحاضرين أن الاتجاه الصحيح هو أن أجعل أذني اليسرى باتجاه مشرق الشمس. هل هذا القول صحيح؟ وهل يسري هذا القانون على كل مناطق مصر؟ وما الحكم في حالة عدم معرفة اتجاه القبلة؟"
أجاب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، موضحاً أن من شروط صحة الصلاة استقبال القبلة. وقد استند في إجابته إلى قوله تعالى: «فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره» [البقرة: 144].
وأكد جمعة على ضرورة أن يتحرى المسلم القبلة بنفسه أو من خلال أهل الخبرة، مشيراً إلى أنه إذا كان الإنسان في مكان عجز فيه عن تحديد اتجاه القبلة، فإنه يجتهد قدر استطاعته وليصل حسب اجتهاده.
أما بالنسبة لتوجيه الأذن اليسرى نحو مطلع الشمس، فقد أشار جمعة إلى أن هذا صحيح، لكن ذلك ينطبق فقط حتى قرب محافظة المنيا. وبعد ذلك، ينبغي الانحراف أكثر جهة الشرق.
استقبال القبلة في الصلاة
تحدث الشيخ محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، عن أهمية استقبال القبلة، حيث أكد أنها شرط من شروط صحة الصلاة. وأوضح أن الصلاة لا تصح بدون استقبال القبلة، تماماً مثل شروط ستر العورة وطهارة الثياب ومكان الصلاة.
وفي رده على سؤال حول شخص لديه إعاقة جسدية، وما إذا كان يجوز له الصلاة دون التوجه إلى القبلة، قال شلبي إن صلاة السنة للمسافر تستثنى من شرط استقبال القبلة. ووجه عائلة السائل الذي لا يستطيع الحركة إلى محاولة تحريك سريره نحو القبلة، وإن تعذر ذلك فلا حرج عليه، مستشهداً بقوله تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج".
وشدد شلبي على ضرورة أن يتحرى الإنسان اتجاه القبلة بنفسه أو عبر أهل الخبرة، وإذا وجد نفسه في مكان يصعب فيه تحديد الاتجاه، فيجب عليه الاجتهاد وفق ما يستطيع. كما أشار إلى أن توجيه الأذن اليسرى نحو مطلع الشمس يعد صحيحاً، لكنه يختلف حسب الموقع الجغرافي.
قراءة القرآن واستقبال القبلة
عند الحديث عن قراءة القرآن، أوضح الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن هناك فرقاً بين الآداب والواجبات في أداء العبادات. في إجابته عن سؤال حول ما إذا كان ينبغي استقبال القبلة عند قراءة القرآن، أكد وسام أنه ليس من الواجب على القارئ أن يتوجه إلى القبلة، ولا أن يكون على وضوء إذا كان سيقرأ من جهاز إلكتروني مثل التابلت أو الموبايل. كما أنه ليس واجباً على المرأة أن تغطي شعرها أثناء التلاوة، حيث تُعتبر هذه الأمور من الآداب.
وأضاف أن الالتزام بالآداب يُثاب عليه المسلم لأنه يكون في مجلس يتلو فيه كلام الله سبحانه وتعالى. ومن الآداب التي يُفضل الالتزام بها هي أن يكون القارئ في هيئة معينة من الوضوء والتوجه للقبلة أو ارتداء الحجاب بالنسبة للمرأة، لكنه أكد أن ذلك لا يُعتبر واجباً.
في النهاية، يتضح أن تحديد اتجاه القبلة يختلف بحسب الموقع الجغرافي، مع التأكيد على أهمية الاجتهاد في حال عدم القدرة على معرفة الاتجاه بدقة، كما أن استقبال القبلة يُعد شرطاً أساسياً للصلاة، ولكن هناك استثناءات تتيح للمسلمين أداء عباداتهم وفقاً لظروفهم.