كشف الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن موضوع خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف، وذلك من خلال صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بتاريخ 26 رمضان 1445هـ، الموافق 5 أبريل 2024.
وأوضح وزير الأوقاف أن موضوع خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف يتناول صدقة الفطر وحق الله في المال، حيث تتزامن تلك الجمعة مع الجمعة الأخيرة في شهر رمضان المبارك، استعدادًا لاحتفال الأمة الإسلامية بعيد الفطر المبارك في 10 أبريل القادم.
وجاء نص خطبة الجمعة القادمة كالتالي:
"الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. وأشهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنا ونبيَّنَا مُحَمَّدًا عبده ورسوله، اللَّهُمَّ صَلَّ وسلم وبارك عليهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الإنفاق في وجوه الخير من أجلِّ العبادات وأفضل القربات، حيث يقول الحق سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}. ويقول سبحانه: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. ويقول تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِقِينَ وَالْمُصَّدِقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}. ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَصَدَّقَ بعَدل تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبِ طَيِّبِ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيبَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ)".
ومن أعظم صور الإنفاق في هذه الأيام المباركة صدقة الفطر التي شرعت طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين وهي واجبة على كل إنسان يملك قوته وقوت عياله ليخرجها عن كل من تلزمه نفقته من أفراد الأسرة حتى الأطفال، حيث يقول ابن عباس رضي الله عنهما: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرفث وطُعمةً للمساكين“.
وكذلك إخراج زكاة المال في هذا الشهر الفضيل حيث تضاعف فيه ثواب الأعمال الصالحة، يقول سبحانه: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، ويقول سبحانه: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشَّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كنزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (وَمَا مَنَعَ قَوْمُ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلّا مُنِعُوا القَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ).
وكل من زكاة المال وصدقة الفطر من حق الله تعالى في المال، فالمال ملك الله (عز وجل) استخلف فيه عباده، وأمرهم أن ينفقوه في ما يرضيه سبحانه، حيث يقول الحق سبحانه {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}.
ولكل من زكاة المال وزكاة الفطر مقاصد نبيلة منها التراحم والترابط والتكافل بين أبناء المجتمع، لا سيما في هذه الأيام الفاضلة التي يتضاعف فيها ثواب الأعمال الصالحة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطِفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، ويقول صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبِ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ).
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلی الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين.
ولقد جعل الحق سبحانه في المال حقوقًا كثيرة لا تقتصر على الزكاة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ في المالِ لَحَقًّا سِوى الزكاةِ)، ثم قرأ (صلى الله عليه وسلم) قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}، ويقول سبحانه: {هَا أَنتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم}.
ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (من كان معه، فضلُ ظَهرٍ فَلْيَعُدْ به على مَن لا ظهر له، ومَن كان معه فضلُ زادٍ فلْيعُدْ به على مَن لا زادَ له)، ويقول صلوات ربي وسلامه عليه): (مَا آمَنَ بِي مَنْ بَات شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ).