يتوقع أن يسهم مشروع "رأس الحكمة" في تحقيق الاستقرار النقدي والحد من التضخم، والقضاء على السوق الموازية للدولار، وذلك وفقاً لتوقعات وتطلعات عديدة.
يعتبر هذا المشروع بمثابة طوق إنقاذ للاقتصاد المصري، وبداية لفترة من التحسن الاقتصادي في المستقبل القريب، ويُعتبر حلاً لمشكلة نقص العملة الأجنبية التي تواجهها مصر حالياً.
تم توقيع أكبر صفقة استثمارية في مصر يوم الجمعة الماضي، بين وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وشركة أبوظبي للتنمية القابضة في دولة الإمارات العربية المتحدة، لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي لمصر، بتكلفة تبلغ 35 مليار دولار.
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الصفقة تتألف من جزئين: الأول هو مبلغ مالي يتم دفعه كمقدم، والثاني يتمثل في حصة من أرباح المشروع خلال فترة تشغيله تعود للدولة. وأوضح أن الجزء المالي سيتضمن استثمارًا أجنبيًا مباشرًا يدخل لمصر بمجموع 35 مليار دولار، حيث سيتم دفع الجزء الأول في غضون أسبوع بمبلغ 15 مليار دولار، والباقي بعد شهرين.
وأضاف مدبولي أن الدفعة الأولى تشمل 10 مليارات دولار من السيولة الأجنبية، بالإضافة إلى 5 مليارات دولار تم التنازل عنها من دولة الإمارات، حيث سيتم تحويلها من الدولار إلى الجنيه المصري واستخدامها في إنشاء المشروع. وبهذا، يدخل لمصر استثمار أجنبي مباشر بقيمة 15 مليار دولار.
وأشار مدبولي إلى أن مشروع رأس الحكمة سيشمل مناطق استثمارية وسكنية وتجارية، بالإضافة إلى مشاريع سياحية وترفيهية، ومن المتوقع أن يبدأ العمل به في عام 2025.
هل يتراجع التضخم؟
يظل التساؤل الهام الذي يشغل بال الشارع المصري هو ما إذا كانت أسعار السلع والمنتجات ستتأثر بالصفقة الضخمة، وهل ستتراجع معدلات التضخم؟
بالتأكيد، فإن وجود كمية كبيرة من الدولارات في البنك المركزي سيكون له تأثير على الأسعار وظروف المعيشة للمواطنين. من المتوقع أن يحدث انخفاض ثانوي في أسعار السلع والمنتجات الغذائية نتيجة لهذا المشروع.
وبالطبع، سينعكس توفر حوالي 24 مليار دولار في البنك المركزي خلال شهرين على معدلات التضخم، خاصةً أن نقص الدولارات هو السبب الرئيسي وراء التضخم. ومع حل مشكلة نقص الدولار، من المتوقع أن يشعر المواطنون بتحسن كبير في الأسعار والظروف المعيشية.
قد شهد سعر الدولار انخفاضًا كبيرًا في السوق السوداء بعد الإعلان عن الصفقة، ومن المتوقع أن يستمر الانخفاض بمجرد توفر الدولار في البنك المركزي، مما سيؤثر إيجابًا على أسعار السلع والمنتجات في السوق المصري.
وبمجرد الإعلان عن الصفقة، انخفض سعر الدولار في السوق السوداء بأكثر من 10 جنيهات مرة واحدة. ووفقًا للخبراء، فقد يستغرق بضعة أشهر حتى يتحسن التوزيع الدولاري ويتم توجيه الدولارات للإفراج عن البضائع المتراكمة في الموانئ.
خفض الدين الخارجي
تشير الصفقة إلى أن مصر ستقلل من ديونها الخارجية بقيمة تصل إلى 11 مليار دولار، وهي الودائع التي كانت مسجلة في البنك المركزي المصري باسم الإمارات. يتضمن الاتفاق تحويل هذه الودائع إلى جنيهات مصرية لتمويل مشروع رأس الحكمة.
ويتوقع بنك جولدمان ساكس أن تساهم التدفقات الاستثمارية التي تبلغ حوالي 24 مليار دولار في تغطية الفجوة التمويلية لمصر خلال الأربع سنوات القادمة.
من المتوقع أن يؤدي تخفيف الضغط على الطلب على الدولار إلى تقليل سعر الدولار في السوق الموازية، مما قد يسمح بمزيد من التراجع في المستقبل، وبالتالي يسهل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة برنامج التمويل. ويُتوقع أن تبلغ القيمة الجديدة لبرنامج التمويل ما بين 7 إلى 10 مليارات دولار.
بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي توافر الدولار في البنوك إلى سداد الالتزامات وتسهيل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، مما يسهم في تخفيف أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية، مما يزيد من المعروض من السلع في الأسواق ويكبح التضخم ويرفع التحكم في ارتفاع الأسعار.
تراجع الذهب
أوضح لطفي المنيب، نائب رئيس شعبة الذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الانخفاض الحاد في أسعار الذهب خلال اليومين الماضيين يعود إلى التراجع الكبير في أسعار الدولار في السوق الموازية. هذا التراجع ناجم عن إعلان الحكومة عن صفقة رأس الحكمة، التي من شأنها توفير سيولة دولارية للاقتصاد المصري، وهذا يتجاوز الأزمة السابقة المتعلقة بنقص السيولة من العملات الأجنبية.
أضاف المنيب أن توافر السيولة الدولارية سيعزز قدرة الدولة على القضاء على السوق الموازية لأسعار صرف العملات، وسيسهم في تلبية احتياجات القطاعات الصناعية والاستيرادية.
وأكد أن أسعار الذهب في الأسواق المحلية شهدت تراجعاً حاداً، حيث انخفض سعر جرام الذهب عيار 21 بمقدار 650 جنيهًا ليصل إلى 3000 جنيه. وأوضح أن صفقة رأس الحكمة ستكون مفيدة للاقتصاد المصري بشكل عام، بتوفير سيولة دولارية تعزز الفرص لحل أزمة الدولار المزدوج في السوق.
وأشار إلى أن قيمة الذهب انخفضت بنسبة 30٪، حيث انخفض سعر جرام الذهب عيار 21 من 4200 جنيه إلى 3000 جنيه. وأكد على ضرورة أن يتزامن هذا التراجع مع انخفاض في أسعار السلع المستوردة بالدولار، مثل الحديد والنحاس والأخشاب. وأشار إلى أهمية التدفقات الدولارية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تعزيز الاقتصاد واستقرار الأسواق.