ماذا يحدث لجسمك عند الإفراط في التونة؟

في ظل اهتمام متزايد بمحتوى الزئبق في التونة، كشفت دراسات حديثة أن نسبة كبيرة من عينات التونة المعلبة تحتوي على مستويات من الزئبق تفوق الحد الموصى به. 

تم إجراء هذه الدراسات على 150 علبة تونة تم شراؤها من خمس دول مختلفة، ووجد أن نصفها يحتوي على كميات من الزئبق قد تشكل خطراً على صحة المستهلك، خاصة على صحة الدماغ. 

هذه النتائج أثارت تساؤلات حول كمية التونة التي يمكن تناولها بأمان في الأسبوع دون مخاطر.

مخاطر الزئبق في الأسماك

يعتبر الزئبق من المعادن التي تتواجد بشكل طبيعي في البيئة، لكنه قد يتحول في المحيطات إلى مركب سام يعرف بـ"ميثيل الزئبق". يتم امتصاص هذا المركب عبر السلسلة الغذائية، ليتراكم بتركيزات عالية في الأسماك المفترسة الكبيرة مثل التونة، سمك القرش، وسمك أبو سيف. 

ومع مرور الوقت، يصبح هذا المعدن السام قادراً على التأثير سلباً على صحة الإنسان، حيث ربطت الدراسات بين التعرض المفرط للزئبق وبعض المشاكل الصحية مثل تلف الدماغ، وضعف الجهاز العصبي، ومشاكل في الرؤية، وكذلك زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

تحذيرات السلطات الصحية: كميات التونة الموصى بها

توصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة النساء الحوامل بتجنب تناول أكثر من شريحتين من التونة أو أربع علب أسبوعياً، نظرًا لأن تناول كميات زائدة يمكن أن يضر بنمو دماغ الجنين.

 بينما تنصح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بتناول ثلاث علب تونة أسبوعياً كحد أقصى.

 وتأتي هذه التوصيات لتذكير المستهلكين بأن جميع أنواع الأسماك تحتوي على الزئبق بنسب متفاوتة، وأن بعض الأنواع مثل سمك أبو سيف قد تحتوي على كميات عالية للغاية.

ما الكمية الآمنة من التونة لتناولها أسبوعياً؟

أثبتت الأبحاث أن الشخص العادي يجب أن يستهلك ما يصل إلى 25 علبة من التونة أسبوعياً قبل أن يصل إلى مستويات خطرة من الزئبق. بعبارة أخرى، فإن تناول 2-3 حصص من التونة أسبوعياً يعتبر آمناً، حسب رأي الخبراء. لكن الكمية الدقيقة الآمنة قد تعتمد على وزن الشخص ونوع التونة، حيث أن "التونة الخفيفة" تحتوي على نسب أقل من الزئبق مقارنة بالتونة البيضاء أو التونة ذات العين الكبيرة، مما يجعلها الخيار الأفضل للحد من مخاطر الزئبق.

مخاطر صحية مرتبطة بالتعرض العالي للزئبق

أكدت منظمة الصحة العالمية أن الزئبق قد يسبب اضطرابات عصبية وسلوكية، حيث تشمل الأعراض: الصداع، والرعشة، وفقدان الذاكرة، وتدهور الوظائف الإدراكية.

 وتشير الدراسات إلى أن تناول كميات مفرطة من الزئبق قد يرتبط أيضاً بظهور أنواع معينة من الأورام، إلا أن الدلائل ليست قاطعة بالنسبة للبشر. 

وتشير هيئة معايير الغذاء في الاتحاد الأوروبي إلى أن الحد المسموح به للزئبق في التونة هو 1 ملجم/كجم، وهو مستوى أكثر أماناً بكثير مقارنة بالمستويات التي قد تسبب ضرراً صحياً.

بدائل صحية للأسماك عالية الزئبق

تنصح هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية بتناول مجموعة متنوعة من الأسماك منخفضة الزئبق، مثل السلمون والسردين. 

ويُشجع استهلاك الأسماك البيضاء مثل سمك القد بكميات غير محدودة تقريبًا، نظراً لانخفاض نسبة الزئبق فيها. لكن يجب تجنب الأسماك مثل سمك القرش وأبو سيف إذا كنتِ حاملاً، حيث تحتوي هذه الأنواع على تركيزات عالية من الزئبق.

التونة: فوائد غذائية مقابل المخاطر المحتملة

رغم المخاطر، فإن التونة تظل مصدرًا مهمًا للبروتين، الدهون الصحية، وفيتامين "د". 

ولهذا، توصي السلطات الصحية بتناول حصة من الأسماك مرتين على الأقل أسبوعياً للاستفادة من فوائدها، مع مراعاة التنوع لتجنب التراكم المفرط للزئبق في الجسم.

نصائح الخبراء للتوازن بين الفوائد والمخاطر

- اختيار الأسماك الخفيفة: يُنصح باختيار "التونة الخفيفة" التي تحتوي على نسب أقل من الزئبق.

- تنويع مصادر الأسماك: للحصول على التنوع الغذائي، يمكن استهلاك أصناف أخرى من الأسماك، كالقد والسلمون والسردين.

- الاعتدال: تناول كميات معتدلة من التونة لا تتجاوز الحد الموصى به (2-3 حصص في الأسبوع) لضمان التمتع بفوائدها الصحية دون تعريض الجسم لتراكم الزئبق.

يظل التوازن هو الحل الأمثل للاستفادة من فوائد التونة دون الوقوع في مخاطر الزئبق. فاتباع النصائح الصحية المتعلقة بكمية التناول ونوع الأسماك المختارة يساعد في الوقاية من التأثيرات الضارة للزئبق، مع استكمال النظام الغذائي بالعناصر الصحية المتوفرة في الأسماك.