ورد إلى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، سؤال من سيدة تقول: "طلقني زوجي وأنا حامل، وأسقطت الجنين بهدف الإسراع في الزواج، فهل أكون حلالًا للزواج بعد الإجهاض؟"
حكم الشرع في هذه الحالة
أوضح الدكتور عطية لاشين أن الشرع الإسلامي قد وضع قواعد واضحة حول العدة التي يجب على المرأة الالتزام بها بعد الطلاق أو وفاة الزوج، وهي فترة انتظار تُحدد بناءً على حالة المرأة وطبيعة الفراق، بهدف ضمان عدم اختلاط الأنساب وامتثالًا لأحكام الشريعة.
وأضاف أن العدة للمرأة الحامل تكون حتى "وضع الحمل"، كما ورد في القرآن الكريم: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن).
وعليه، إذا كان الحمل طبيعيًا واستمر حتى الولادة، فإن المرأة تحل للزواج بعد انتهاء تلك المدة.
حكم الإسراع في الزواج بعد الإجهاض
ولكن في حالة الإجهاض المتعمد، كما في هذه الواقعة، أوضح الدكتور لاشين أن هذا العمل يُعد مخالفًا للشريعة، لأنه اعتداء على الجنين وإسقاط لحياة بريئة. وبالتالي، فإن الإسراع في الزواج بعد الإجهاض لا يحل للمرأة، ويجب عليها الانتظار حتى نهاية العدة الطبيعية، التي كانت ستنقضي لو استمر الحمل.
وأشار إلى أن هذه المرأة قد ارتكبت عملًا محرمًا بإجهاض الجنين، وهو ما يستوجب عليها دفع "دية" للجنين، يتم توزيعها على ورثته الشرعيين، مع عدم إدراج الأم بين الورثة، رغم أنها أمه، لأنها هي من ارتكبت هذا الفعل.
العدة ليست فقط لمنع اختلاط الأنساب
وأوضح الدكتور عطية أن العدة ليست مجرد وسيلة للتأكد من خلو الرحم، بل تحمل جانبًا تعبديًا، وهو ما يظهر في العدة الطويلة للمطلقة الحائض، التي تمتد لثلاثة قروء، رغم أن قرءًا واحدًا يكفي للتأكد من عدم الحمل.
هذا يدل على أن العدة تحمل حكمتين: الأولى منع اختلاط الأنساب، والثانية هي الجانب التعبدي.
خطورة الإسقاط والتلاعب بالحيل
واختتم الدكتور عطية لاشين فتواه محذرًا من اللجوء إلى الحيل الشرعية الباطلة، مثل الإسقاط للإسراع في الزواج، مؤكدًا أن مثل هذه التصرفات قد تؤدي إلى تعطيل شريعة الله وقتل الأنفس البريئة، وأن الشرع قد وضع أحكامًا عادلة وصارمة لحماية حقوق الجميع.