ما حكم قول "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه"؟.. الإفتاء توضح

أجابت دار الإفتاء عن تساؤل البعض عن حكم قول "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه"، وجاء في الجواب أن الله تعالى حميدٌ يحب الحمد.

هل يجوز أن نقول "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه"؟

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الله تبارك وتعالى حميدٌ يحب الحمد، والحميد في حقه تعالى يعني الْمَحْمُود الْمُثنَى عَلَيْهِ. الله عز وجل هو الحميد بحمده لنفسه أزلًا وبحمد عباده له أبدًا.

ورد عن الأسود بن سريع رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله، إني مدحت ربي عز وجل بمحامد"، قال: «أما إن ربك يحب الحمد» (أخرجه أحمد في مسنده، والبخاري في الأدب المفرد).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ما من شيء أحب إلى الله من الحمد» (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وأبو يعلى في مسنده).

وأشار النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن أفضل العباد يوم القيامة وأول من يُدعى إلى الجنة هم الذين يَحمدون الله كثيرًا وفي جميع أحوالهم. فعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن أفضل عباد الله يوم القيامة الحمادون» (أخرجه الطبراني في المعجم الكبير). وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أول من يُدعى إلى الجنة الذين يحمدون الله في السراء والضراء» (أخرجه الحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير).

الحمد هو فعل يُنبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعمًا على الحامد أو غيره، ويكون مرتبطًا باللسان. وقد يكون مرتبطًا بنعمة أو لا، بخلاف الشكر الذي يشمل اللسان وغيره، ولا يكون مرتبطًا إلا بنعمة.

صيغ المبالغة في حمد الله تعالى في السنة النبوية:

وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صيغ فيها المبالغة في حمد الله تعالى، منها: عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رفع مائدته قال: «الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه، ربنا» (أخرجه البخاري في صحيحه).

وأيضًا عنه رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أحرك شفتي، فقال: «ما تقول يا أبا أمامة؟» قلت: أذكر الله، قال: «أفلا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار؟ تقول: الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في السماوات وما في الأرض، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، وتسبح الله مثلهن»، ثم قال: «تعلمهن عقبك من بعدك» (أخرجه الطبراني في المعجم الكبير).

حكم قول "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه":

صيغة "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه" جائزة شرعًا، حيث يقولها القائل قاصدًا المبالغة في حمد الله عز وجل. وقد قبل العلماء نحو هذه الصيغة وافتتح بمثلها بعض الفقهاء والمحدثين كتبهم. فمن الفقهاء الإمام النووي الشافعي في كتابه "المنهاج" قال: [أحمده أبلغ حمدٍ وأكمله، وأزكاه وأشمله]. وشرح الإمام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج": [(أبلغ حمدٍ) أي أنهاه من حيث الإجمال لا التفصيل].

ومن المحدثين الإمام ابن الصلاح في "مقدمته في علوم الحديث" قال: [الحمد لله الهادي من استهداه، الواقي من اتقاه، الكافي من تحرى رضاه، حمدًا بالغًا أمد التمام ومنتهاه].

الذكر بصيغ مختلفة:

الذكر بابه واسع، وقد أُمِرنا بذكر الله تعالى بالأمر العام في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41]، وبالحمد بالأمر الخاص في قوله: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الإسراء: 111]. فالذكر بهذه الصيغة ليس فيه إحداث في الدين، بل هو من الدين ومندرج تحت نصوصه.

وفي الحديث عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: "كنا يومًا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: «سمع الله لمن حمده»، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف، قال: «من المتكلم؟» قال: أنا، قال: «رأيت بضعًا وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول»" (أخرجه البخاري في صحيحه).

الصحابي رفاعة رضي الله عنه دعا بما لم يسبق بخصوصه بيان نبوي، وأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يُنكر عليه، مما يدل على جواز إحداث ما هو من الدين ومندرج تحت نصوصه.

ختامًا:

لا يمنع الجواز أنَّه لا يمكن لشخص أن يحمد الله حمدًا يبلغ منتهى التمام؛ لأنَّ الخلق كلهم لو اجتمع حمدهم لم يبلغوا بعض ما يستحقه الله تعالى من الحمد. الحامد بهذه الصيغة يخبر أنَّ الحمد الذي يجب لله تعالى هذه صفته، وأن الله تعالى مستحقٌّ لتمام الحمد.