ما حكم الدعاء في الصلاة بقضاء حاجة من أمور الدنيا؟.. دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال يتناول حكم الدعاء داخل الصلاة بقضاء حاجة من حوائج الدنيا، وما إذا كان ذلك يؤدي إلى بطلان الصلاة. في إجابتها، استشهدت دار الإفتاء بعدد من الأحاديث والآراء الفقهية التي تؤكد جواز الدعاء داخل الصلاة، سواء لحوائج الدنيا أو الآخرة.

الأدلة الشرعية على جواز الدعاء داخل الصلاة

حديث عبد الله بن مسعود:

في حديث رواه البخاري ومسلم، جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم عبد الله بن مسعود التشهد ثم قال له: «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَيَدْعُو». في رواية أخرى للبخاري، ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الثَّنَاءِ مَا شَاءَ»، وفي رواية لمسلم: «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ أَوْ مَا أَحَبَّ». تشير هذه الروايات إلى أن المصلي له حرية اختيار ما يدعو به من أمور الدنيا والآخرة.

رأي الإمام النووي:

في كتابه "الأذكار"، يوضح الإمام النووي أن الدعاء في الصلاة مستحب وليس بواجب، ويستحب أن يطيل فيه ما لم يكن إمامًا. يحق للمصلي أن يدعو بما شاء من أمور الدنيا والآخرة، ويمكنه كذلك أن يدعو بالدعوات المأثورة، بينما يُفضل استخدام الدعوات المأثورة.

رأي الحافظ ابن حجر:

في "فتح الباري"، ذكر الحافظ ابن حجر أن جواز الدعاء في الصلاة بما يختاره المصلي من أمور الدنيا والآخرة استُدِلَّ به من الأحاديث النبوية، مما يعني أنه لا حرج في الدعاء بما يراه المصلي مناسبًا.

رأي العلامة الشوكاني:

في كتابه "تحفة الذاكرين"، أشار الشوكاني إلى أن المصلي يمكنه أن يدعو بما يشاء من مطالب الدنيا والآخرة. يجب أن يكون الدعاء خاليًا من الإثم أو قطيعة رحم، ولا حرج في ذلك ما دام أن الدعاء لا يتعارض مع شروط الصلاة.

حديث ابن عباس:

في صحيح مسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ»، مما يدل على استحباب الدعاء أثناء السجود، ويؤكد أن الدعاء في الصلاة أمر مرغوب فيه.

رأي العلامة ابن علان الصدِّيقي:

في "الفتوحات الربانية"، أكد ابن علان أن الدعاء داخل الصلاة يمكن أن يكون بأمور الدنيا والآخرة، بناءً على ما نقله الشافعي من رأي علماء كثيرين. وأشار إلى أن هذا يتماشى مع ما ذكره ابن عمر رضي الله عنهما، وهو ما يُعتبر بمثابة إجماع على جواز الدعاء في الصلاة بما يحب المصلي.

خلاصة

من خلال الأدلة الشرعية والآراء الفقهية، يتضح أن الدعاء داخل الصلاة لقضاء حاجة من حوائج الدنيا جائز ولا يؤدي إلى بطلان الصلاة. يمكن للمصلي أن يدعو بما شاء من حوائج الدنيا والآخرة، ويستحب أن يكون الدعاء خاليًا من الإثم أو قطيعة رحم، حيث أن الدعاء في الصلاة من الأمور المستحبة والمرغوب فيها.