أصبح الغياب عن صلاة الفجر سمة شائعة بين كثير من الناس، حيث إن أنماط الحياة الحديثة تجبر الكثيرين على السهر حتى ساعات متأخرة من الليل، مما يجعل الاستيقاط في الصباح الباكر لأداء صلاة الفجر أمرًا صعبًا.
هذه الظاهرة تستحق الاهتمام، لأن النوم عن صلاة الفجر يعتبر خسارة كبيرة للإنسان، خاصة لأولئك الذين يعرفون فضل هذه الصلاة ويقدرون أهميتها بناءً على النصوص والوصايا الموجودة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والتي تؤكد على ضرورة المحافظة على هذه الصلاة وحرصها. الذين يدركون هذه القيمة ويفوتونها يعرفون تمامًا ما فقدوا.
تكمن أهمية فهم سبب النوم عن صلاة الفجر في حقيقة أن هذه الصلاة تعد من أكبر أبواب الخير والنجاة وتفريج الهموم. ولذا، فإن إدراك سبب التخلف عن أداء صلاة الفجر أمر بالغ الأهمية، لأنه يفتح الباب لمعرفة ما يحرمنا من الرحمة ويمنعنا من الوصول إلى النجاة، وهي عقبات ينبغي تجنبها. لذلك، ينبغي أن نحدد الأسباب الكامنة وراء النوم عن صلاة الفجر لتجنبها مستقبلاً. وبذلك، يمكننا البدء باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والاستغفار، آملين أن يوفقنا للفوز بفضل صلاة الفجر الكبير وأن نكون من بين الذين يحافظون عليها.
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن النوم الطويل الذي يتسبب في ضياع وقت الصلاة هو من الشيطان، مشيرةً إلى الحديث النبوي الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما، والذي ذُكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن شخص نام حتى الصباح ولم يستيقظ للصلاة: "ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ".
وأكدت دار الإفتاء أن كثرة النوم يمكن أن تكون ضارة، فهي مضيعة للوقت وتؤثر على صحة الجسم وتؤخر أداء العبادات، مشيرة إلى قول الفضيل بن عياض: "خصلتان تقسيان القلب: كثرة النوم، وكثرة الأكل".
ومن جانب آخر، أوضح القرطبي في شرحه للحديث في كتاب "المفهم" أن معنى الحديث هو أن الشخص الذي ينام الليل بأكمله دون أن يستيقظ عند سماع الأذان أو التذكير، قد تعرض لتأثير الشيطان، حيث إنه كما لو أن الشيطان قد سدّ أذنيه. وهذا يشير إلى خطورة الإهمال في أداء الصلوات، خاصة صلاة الفجر، والتي يجب على المسلمين الالتزام بها والمحافظة على وقتها.
من أسباب التخلف عن صلاة الفجر قلة الوعي بما تحمله هذه الصلاة من فضل عظيم. كما ورد في القرآن الكريم: "إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا" [الإسراء:78]، حيث يُشهد ملائكة الليل والنهار صلاة الفجر. وقد ذكرت النصوص الدينية أن راتبة الفجر خير من الدنيا وما فيها، مما يجعل الفريضة ذات مكانة عالية، حيث يعتبر أداء الفجر والعشاء في جماعة مثل قيام الليل بأكمله، كما أنه يضع المصلين في حفظ الله. إدراك هذه الأمور يجعل المسلم يسعى لأداء صلاة الفجر، ولكن التغافل عن هذه المعاني يؤدي إلى النوم عنها.
كذلك، الجهل بالعقوبات البرزخية لمن ينام عن صلاة الفجر، حيث إن من يفوتها يعذب برضخ رأسه بالحجارة في البرزخ حتى يوم القيامة. ويبدو أن هذا العقاب يتعلق بالرأس لأن النوم عموماً مرتبط بالرأس، وهو مصدر الحواس ومركز كرامة الإنسان.
أسباب أخرى للنوم عن صلاة الفجر تشمل الانغماس في فضول الطعام والمجالس. فعندما يشبع البطن ليلاً، يكون من الصعب النهوض لصلاة الفجر. وبالمثل، السهر في المجالس أو مشاهدة التلفاز حتى وقت متأخر قد يمنع الكثيرين من الاستيقاظ لأداء صلاة الفجر. ولتجنب هذه المشكلات، أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالابتعاد عن الحديث بعد العشاء، لأنه قد يؤدي للسهر الذي يعيق صلاة الفجر.
هناك أيضًا من لا يعقد النية للاستيقاظ لصلاة الفجر، مما يعني أنه لا يولي اهتمامًا لهذه الفريضة. حتى لو استخدم المنبه أو طُلب منه أن يستيقظ، قد يكون تركيزه على الاستيقاظ للوظيفة أو المدرسة وليس للصلاة. هذا يشير إلى خطر كبير، حيث إن ترك الصلاة عن عمد يعد تحايلاً على الله، وكأن المسلم يخادع نفسه.
أما بالنسبة لحكم النوم عن صلاة الفجر، فإن المسلم الذي يغلبه النوم عن غير عمد لا يُلام، حيث إن النائم لا يُحاسب حتى يستيقظ. ولكن إذا جعل النوم عادةً، بحيث يتعمد السهر حتى الفجر وينام خلال وقت الصلاة، فهذا يعد محرماً. وبشكل عام، الحرمة هنا لا ترتبط بالنوم نفسه، بل بنمط الحياة الذي يتجاهل العبادة والصلاة.
باختصار، النوم عن صلاة الفجر يمكن أن يكون نتيجة قلة الوعي بالفضل العظيم لهذه الصلاة، أو الجهل بالعقوبات البرزخية، أو نتيجة السهر والانغماس في فضول الطعام والمجالس. لتجنب ذلك، ينبغي على المسلم تجنب السهر، والحرص على النية للاستيقاظ لصلاة الفجر، مع إدراك الفوائد الروحية والبركات المترتبة على أدائها في وقتها.