مسألة الصيام في شهر شوال وقضاء أيام رمضان أمر يثير الكثير من التساؤلات والنقاشات في الأوساط الدينية، فهل يجوز صيام الست من شوال قبل قضاء الأيام التي أُفطر فيها في رمضان؟ وما هو الأولى بين قضاء أيام رمضان وصيام الست من شوال؟
تعتبر صيام الست من شوال أمرًا مهمًا لدى الكثيرين، حيث يمتد هذا الصيام على مدار ستين يومًا بدءًا من الآن وحتى نهاية شهر ذو القعدة.
يعتبر بعض الناس أن صيام هذه الأيام له فضل عظيم ولا يجب تفويته، بينما يظل قضاء أيام رمضان فريضة تجب على كل مسلم، ومن ثم يجب قضاء الأيام التي تم فطرها في رمضان.
وبما أن الست من شوال تقتصر على شهر محدد، بينما يمتد قضاء رمضان على مدار العام، يثير هذا الأمر تساؤلات حول ما إذا كان يجوز صيام الست من شوال قبل قضاء أيام رمضان المفترضة. هذا الأمر يتطلب دراسة دقيقة للأحكام الشرعية والآراء الفقهية المختلفة.
قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف إن الفقهاء اتفقوا على وجوب قضاء الأيام الفائتة من رمضان، وذلك استنادًا إلى الآية الكريمة في سورة البقرة: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ".
وأوضحت "البحوث الإسلامية" في إجابتها عن سؤال حول صيام الست من شوال قبل قضاء أيام رمضان أن الفقهاء اتفقوا أيضًا على فضل وندب صيام الست من شوال، استنادًا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ".
وبالنسبة لحكم صيام الست من شوال قبل قضاء أيام رمضان، أوضحت اللجنة ضرورة التفرقة بين حالتين:
1. الحالة الأولى: عندما يكون بإمكان الشخص جمع بين قضاء أيام رمضان وصيام الست من شوال. في هذه الحالة، يُعتبر قضاء رمضان وصيام الست من شوال واجبين، ويمكن الجمع بينهما، لأن قضاء رمضان يمكن أداؤه بالتراخي، بينما صيام الست من شوال واجب موسع طوال الشهر. وبالتالي، يمكن قضاء الأيام الفائتة من رمضان ثم صيام الست من شوال، لأن الواجب يُعطى الأولوية على النفل.
2. الحالة الثانية: عندما لا يكون بإمكان الشخص جمع بين قضاء رمضان وصيام الست من شوال بسبب ضيق الزمان، مثل تبقي ستة أيام فقط من شوال. في هذه الحالة، يُفضل صيام الست من شوال لأن الوقت محدود لهذا الصيام، بينما يمكن قضاء رمضان في أوقات متسعة.
وتستدل اللجنة على ذلك بقول عائشة رضي الله عنها: "إن كان ليكون على الصيام من رمضان، فما أستطيع أن أصومه حتى يأتي شعبان".
ولا يلزم المسلم أن يصوم الست من شوال مباشرة بعد عيد الفطر، بل يجوز له أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما يتيسر له. فالأمر في ذلك واسع، ولا تعتبر الست من شوال فريضة بل هي سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.