شهدت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا انتشار بوستر مسلسل "الحشاشين"، المقرر عرضه في شهر رمضان المقبل، ويشارك في بطولته كل من: كريم عبد العزيز، فتحي عبد الوهاب، نيقولا معوض، أحمد عيد، سامي الشيخ، إسلام جمال، ميرنا نور الدين، سوزان نجم الدين، وعمر الشناوي، بالإضافة إلى عدد من النجوم الآخرين، وهو من تأليف عبد الرحيم كمال.
تتناول أحداث مسلسل "الحشاشين" الذي يقع في القرن الحادي عشر ميلادي، طائفة الحشاشين التي انفصلت عن العبيديين الفاطميين في أواخر القرن الخامس الهجري. تسعى هذه الطائفة إلى دعوة إمامة نزار المصطفى وأسرته، وتستخدم القلاع الحصينة في قمم الجبال كمعاقل لنشر الدعوة الإسماعيلية النزارية في إيران والشام.
تتصاعد التوترات بين الحشاشين والعباسيين والفاطميين، وكذلك مع الدول والسلطنات الأخرى مثل السلاجقة والخوارزميين والزنكيين والأيوبيين والصليبيين. ورغم محاولات تلك الدول الكبرى للقضاء على الحشاشين خلال فترات طويلة من الحروب، فإنهم استمروا في الصمود والثبات.
كانت الاستراتيجية العسكرية للحشاشين تعتمد بشكل أساسي على الاغتيالات التي ينفذها "فدائيون" مستعدين للموت في سبيل تحقيق أهدافهم. كان هؤلاء الفدائيون يثيرون الرعب في قلوب الحكام والأمراء المعادين لهم من خلال عمليات الاغتيال. وقد نجحوا في اغتيال العديد من الشخصيات المهمة في ذلك الوقت، مثل الوزير السلجوقي نظام الملك والخليفة العباسي المسترشد والراشد وملك بيت المقدس كونراد.
ومع ذلك، فقد أسفرت هجمات المغول بقيادة هولاكو عن هزيمة الحشاشين في بلاد فارس في عام 1256م. حيث قام هولاكو بمهاجمة الحشاشين واستولى على قلعة ألموت وأكثر من 100 قلعة أخرى، وقام بإحراق القلاع والمكاتب الإسماعيلية. بعد ذلك، توجه هولاكو لمهاجمة العباسيين وعاصمتهم بغداد وأحرقها.
وفي وقت لاحق، تم هزيمة الحشاشين في المنطقة الشامية أيضًا بواسطة الظاهر بيبرس في عام 1273م.
يعتبر تقرير المبعوث للإمبراطور الألماني فريدريك بربروسا عن فرقة الحشاشين يوضح المدى الذي وصلت إليه سمعتهم في العصور الوسطى. كانت فرقة الحشاشين معروفة بشدة دمويتها وجرأتها في مواجهة الأعداء. كان السنة والصليبيون يخافون على حد سواء منهم بسبب سمعتهم الوحشية ومهاراتهم غير المتوقعة في القتال والاغتيال.
تشير الوصفات التي أوردها المبعوث إلى قدرة فرقة الحشاشين على إثارة الرعب والهلع في نفوس الحكام العرب والمسيحيين على حد سواء. وكانت الطريقة التي يقتلون بها الأعداء تثير الدهشة والرعب بين الأعداء.
أمام التهديد الكبير الذي تمثله الوجود الإسماعيلي في إيران، والتي كانت تعتبر منطقة نفوذ للسلجوقيين السنة بشكل أساسي، بدأت مواجهة حقيقية بين السلاجقة والحسن الصباح في العام 485هـ/1092م. قاد السلطان ملكشاه السلجوقي حملتين، الأولى على قلعة ألموت والثانية على قوهستان القريبة، ولكن القوات الإسماعيلية المدربة تصدت لهم بشدة وبمساعدة من الأهالي الموالين لهم في رودبار وقزوين.
تمكنت القوات الإسماعيلية من صدهم وجبر هزيمتهم، خاصة بعد وفاة السلطان ملكشاه في شوال من نفس العام. هذه المواجهة تعكس الصراع الدائم بين السلاجقة والإسماعيليين على السلطة والنفوذ في المنطقة، وكانت نقطة تحول مهمة في الصراع بينهما.
أول ظهور للحشاشين الإسماعيلية في بلاد الشام كان في عام 498هـ/1105م، عندما أرسل الحسن الصباح داعيتهم لنشر المذهب وتعزيز نفوذهم في المنطقة. وكان هدفهم أيضًا إفساد علاقة الأخوين، دقّاق حاكم دمشق ورضوان حاكم حلب ابني تُتش بن ألب أرسلان السلجوقي.
تحالف الداعية الإسماعيلي مع رضوان وأقنعه بالانضمام إلى المذهب الإسماعيلي، وقام بإنشاء دار للدعوة الإسماعيلية في حلب. لكن بعد وفاة رضوان، قام خلفه ألب أرسلان الأخرس بالانقلاب على الإسماعيليين في تلك المنطقة. ونجح في قتل رئيسهم أبي طاهر الصائغ، مما دفع بالبقية إلى الهروب والنجاة.
اشتد نفوذ الحشاشين أيام داعيتهم بهرام في دمشق وما جاورها في الربع الأول من القرن السادس الهجري. لكن غضب أهل دمشق من هذه الدعوة دفع بهرام وأتباعه للهرب، وتمكنوا من الاستيلاء على قلعة بانياس غربي دمشق. لكن خطرهم عاد مرة أخرى على هذه المنطقة.
الأتابك طغتكين الذي وقف بجوارهم بادئ الأمر، أفاق على خطر هذا الوجود القريب منه، لكنه توفي قبل مواجهتهم، وخلفه ابنه تاج الملوك بوري على حكم دمشق. في عهده، فرط وزيره المزدقاني الموالي للباطنية في حماية رفاقه. عرض على الصليبيين تسليم دمشق مقابل صور، وتم تحديد يوم لتنفيذ الاتفاق، وفي ذلك الوقت تم كشف المؤامرة قبل موعدها، فقتل الأمير بوري وزيره الخائن، وأمر بملاحقة الباطنية في بلاده.
وبدأت حملة قوية ضد الباطنية، وقتل الآلاف منهم، مما دفع داعيتهم إسماعيل العجمي للاستنجاد بالصليبيين وطلب الحماية مقابل تسليم قلعة بانياس. وقد كانت هذه الأحداث نهاية لوجود الباطنية في الشام.